دأبت السلطات والأوساط القيادية للأحزاب الحاكمة ، و بدرجات متفاوتة أحزاب المعارضة  ، في جنوب البحر الأبيض المتوسط ، على الاهمال المتعمد للرأي الآخر ، وتهميشه ، أو قمعه Mihemed_hiboخوفا من تعاظم نفوذ وتأثير اصحاب الرأي المخالف والمعارض ، وانتشار طروحاته وآرائه في الأوساط الجماهيرية ، او الحزبية القاعدية ، ما قد يعرض مصالح وهيبة تلك الأوساط القيادية المتنفذة للخطر ، وخروج النصوص من حقل المقدس الى سوق الموازين الشعبية ، ونكهة التهكم المصاحبة للنقد وتحول مقولات وكلمات الزعيم ، او الزعامات الحزبية والسياسية الى بضاعة عادية محكية غير ذي سحر وتأثير على عواطف الناس وهيجاناتهم الجنونية الحماسية المؤيدة لسياسات وانجازات الزعيم او الطبقة السياسية ، وحين تنجح المعارضة ، او القوى المعارضة المتبنية للرأي الآخر في منطقة استبدادستان الممتدة من شمال افريقيا الى حدود الهند ، حين تنجح المعارضة او تيار الرأي الآخر في بلد من بلدان هذه المنطقة الشاسعة أو في حزب من أحزابها بتشكيل تيار قوي يصبح على عتبة فرض التغيير ، تسارع الأوساط المتنفذة في السلطة او الحزب الى تشكيل مؤسسات او بناء هيئات وهياكل صورية هدفها اجهاض التطورات الحاصلة ، والالتفاف على مطالبها بتشكيل هياكل وتيارات غايتها تمييع أهداف اصحاب الرأي الآخر المعارض اذ يمكن تسمية هذه الهياكل بالثورة المضادة ، او التحريفية  التي تهدف الى الانقضاض على تيار التغييرالمتشكل حديثا والمتأهب لمحاسبة تلك الأوساط الحاكمة او المتنفذة.

لا تهدف مقالتنا الى شيطنة القيادات المتنفذة , او الاوساط الحاكمة , وتبرئة  ذمة ما قد يطرحه صاحب الرأي الآخر ,بل هي محاولة لخلق حصانة ومنبر يستطيع فيه تيار الاقلية من ممارسة حقه في ابداء رأيه بحرية , ومسؤولية , وحماية هذه الاقلية من عسف وجور وظلم ذوي النفوذ وقيادات الصف الاول , ممن اصيب بمرض السلطة  , والوجاهة  ولنا في تجارب , وسوابق  هذه القيادات  في  استخدام المال والدين وعلم النفس، وخبراتها الطويلة للسيطرة والتحكم في الاغلبية الحزبية او في الجماهير ، لذا اقتضى منا التنويه الى ان مقالتنا هذه تحاول ايجاد حصن ، وحصانة ما للرأي الآخر ، في مواجهة قوة ونفوذ الاكثرية الضالعة في تأييد القيادات المتنفذة لاسباب كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة .
بعيدا عن التنظير ، ولكي تكون المقالة اكثر قربا من الواقع ومن حركية الرأي ، والرأي الآخر ، سنأخذ تجربتنا كحزب الوحدة الديموقراطي الكوردي على محمل الجد ، والواقعية ، ففي فترة ما كانت لنا تجربة مع الرأي الآخر في الجريدة الرسمية للحزب واعني بذلك جريدة الوحدة التي خصصت صفحة بالرأي الآخر ، واعتقد انها كانت تجربة ناجحة لو استمرت ونشرت ثقافة الاختلاف ، والمعارضة. .
قد تكون هناك اوساط قيادية ، او حتى قاعدية ليست لها مصلجة في تبني منبر ، او وسيلة اعلامية تعبر من خلالها عن رأيها ، وقد يكون الرأي الآخر معولا لهدم البنى المتآكلة لسطوة القدسية الزعاماتية ، وافكارها التي بنيت حولها هالة الهية مقدسة ، ولكنه قد يكون ايضا ، اي الرأي الآخر حصانا لطوابير من الحنابلة الذين لا يقيمون وزنا للظروف والامكانيات ، وقد يكون مرتعا خصبا لتسريب افكار هدامة ، وللطابور الخامس او السادس او .. او ، ولكنه حتما سيكون منبرا للرأي البناء اذا احسنا استخدامه ، والاستفادة منه ، وهذا ما نراهن عليه .
سيولي هذا الموقع اهتماما خاصا بالرأي الآخر مهما كان قاسيا ، ومخدشا لفكرا الحزب وتوجهاته السياسية ، وللحصانة التي تتمتع بها القيادات الحزبية ، ولكن ضمن قواعد وقوانين تحترم الخصوصيات ، الشخصية والعائلية ، ولا تشذ عن القواعد والاساليب اللبقة في التعامل مع نقد السياسات او الشخصيات االحزبية المؤثرة.
اخيرا تتوجه المقالة بخطابها الى الكتاب واصحاب الرأي والمبدعين للمساهمة في اغناء زاوية الرأي الآخر ، والدفاع عنها وتعميمها في الوسطين السياسي والحزبي الكورديين ، والكتابة عن كل ما يلامس نقد الواقع والممارسات التي تتبعها الاوساط السياسية والحزبية الكوردية علنا نستطيع تشكيل قوة ضغط مؤثرة ، ومساهمة في تقليل الاخطاء ، وايجاد الارضية المشتركة لبناء السياسات الصحيحة

yekiti