وَأْدُ المرجعية في مَهْدِها !!
المحامي حسين نعسو
إن صحت التسريبات التي خرجت من خلف الأبواب المغلقة بخصوص توصل الطرفين الكرديين ، المجلس الوطني الكردي وأحزاب الحركة الوطنية إلى صيغة الإتفاق النهائي حول الإعلان عن ما تسمى بالمرجعية الكردية ، وذلك على أساس ظفر واستحواذ كل طرف منهما بنسبة 40% من مقاعدها والادعاء شكلاً بترك نسبة 20% المتبقية للقوى والأحزاب خارج الطرفين ، وكذلك جماعات المجتمع المدني بشرط امتلاك كل طرف من أطراف الإتفاق حرية التصرف بنصف مقاعد تلك الحصة وانفراده بتعيين من يشاء من المقربين والموالين له في المرجعية , مع اشتراط الانكسة على الطرف الآخر بعدم جواز وضم أحد من حزبي الوحدة والتقدمي , ورضوخ الطرف الآخر لهذا المطلب الذي يثبت بأن الإدعاء بترك نسبة 20% لبقية القوى والأحزاب وجماعات المجتمع المدني ماهي إلا تمثيلية هزيلة واستخفاف بعقول الناس ، لطالما سوف يعود الطرفان نفسهما إلى تقاسم تلك النسبة المتبقية فيما بين الموالين لهما ، وكان الأجدر بهما توزيع مقاعد المرجعية فيما بينهما ، بنسبة 50% لكل طرف، بدلاً من هذا الاحتيال الصريح وهذه المراوغة والمماطلة المفضوحة
وهذه العملية هي ليست فقط عملية استخفاف بعقول الناس لاقصاء حزبي الوحدة والتقدمي ، إضافة الى الممثلين الحقيقيين لمنظمات المجتمع المدني وممثلي منطقة عفرين المحتلة وكوباني الجريحة (الذين تم اقصاءهم عن الحوارات) ، بل هي عبارة عن عملية وأد للمرجعية المنشودة ذاتها قبل ولادتها ، أو في أقل تقدير هي عملية إجهاض وتعطيل وشل حركتها مستقبلاً .
حيث أن صراع الطرفين على حصة 20% المتبقية تظهر بكل وضوح خوفهما من هذه الحصة بالرغم من امتلاك كل طرف منهما لحصة مضاعفة لتلك الحصة ، لأنهما يدركان تماما في ظل فقدان عامل الثقة فيما بينهما وطغيان المصالح الحزبوية لديهما على المصالح العليا للشعب ، واستمرار أحد طرفي الإتفاق بعضويته وشراكته في الائتلاف الشوفيني الذي يشكل المظلة السياسية للمحتلين لأجزاء من مناطقنا ، بان تلك النسبة تشكل بيضة القبان في ترجيح كفة أحد الطرفين على الآخر في معرض اتخاذ أي قرار مستقبلاً والذي يتطلب نسبة النصف +1
أي أن النسبة المؤثرة في اتخاذ القرارات في المرجعية مستقبلاً هي نسبة 20%. المتبقية وليست نسبة 40% التي ظفر بها كل طرف من طرفي الصراع الكردي، ولذلك نجد بانهم يسارعون الزمن ، تحت طائلة انهيار المفاوضات للتحكم والاستيلاء على تلك النسبة من خلال إشغالها بالموالين والمريدين لهم ، الامر الذي سيودي حتماً بالمرجعية الى الإجهاض والشلل والوأد ، وذلك لعدم قدرتها على إتخاذ القرارات المصيرية التي تتطلب نسبة معينة تتجاوز النصف ولايملكها أحد الطرفين لوحده دون الآخر.
على ضوء ذلك يؤسفنا القول بان المصالح الحزبوية قد حطمت مرة أخرى آمال ورغبات شعبنا ، التي كانت معقودة على التقارب والتوحد بين الأطراف الكردية على أساس الإلتزام بالمصالح العليا للشعب دون غيرها من المصالح ، وبالتالي ليس من العدل والإنصاف تسمية ماسوف يتمخض عن الاتفاق المزعوم “بالمرجعية الكردية” في ظل إقصاء واستبعاد وتهميش لقوى وأحزاب عريقة وممثلي المجتمع المدني إضافة للتمثيل المعدوم او الهزيل لكل من عفرين وكوباني ، ناهيكم عن الغموض الذي يكتنف الإتفاق السياسي الذي سبق ذلك من ناحية الموقف من الإحتلال التركي لعفرين وسري كانية وكري سبي ومصير المناطق المحتلة وغيرها من النقاط ،
بل هو عبارة عن اتفاق وتوزيع وتقاسم للنفوذ والسلطة والموارد بين طرفين كرديين يملكان القوة العسكرية ويتبعان في كل جزئية الى قوى وأحزاب كردية متنفذة ومتصارعة من خلف الحدود ، على غرار إتفاق الأطراف الكردية في إقليم كردستان العراق في التسعينات واتفاق الأطراف اللبنانية في الطائف والتي أثبت التاريخ فشل التجربتين في جلب الأمن والأمان والرفاهية والعيش الكريم وحماية الحدود وسيادة الإقليم أو الدولة من الأطماع والتدخلات الخارجية
ملاحظة: المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب