هناك الكثير من الأسئلة، التي تطرح حول أسباب فتح معركة تحرير منبج الأن، من قبل قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، وبدعم أمريكي والهدف منها، ومن ضمن هذه الأسئلة التي يتم طرحها من قبل المراقبين السياسيين هي:
هل الهدف منها هو توحيد الإقليم الكردي؟ أم هو طرد داعش من الحدود السورية التركية المشتركة، وغلق آخر منفذ لها الى اوروبا؟ أو الهدف هو تشتيت قوات داعش بهدف تسهيل القضاء عليه لا حقآ؟ وهل هذه الخطوة سيفتح المجال امام الكرد للجلوس على طاولة المفاوضات كطرف ثالث؟ أم أن الهدف من تحرير شمال حلب من تنظيم داعش هو تحقيق جملة هذه الأهداف معآ؟ والسؤال الأخر الذي لا يقل أهميةً أبدآ، الذي يطرحه المراقبين السياسيين، هو صمت تركيا تجاه كل ما يحدث، وهي التي إعتبرت غرب الفرات، خطآ أحمرآ على القوات الكردية؟
أنا شخصيآ ليس لدي أدنى شك، بأن أحد أهم أهداف تحرير مدينة منبج الكردستانية، هو ربط أراضي إقليم غرب كردستان الواقعة في غرب نهر الفرات، والتي تضم كل من منبج، الباب، جرابلس، إعزاز، تل رفعت، عفرين، ودارة عزة، بالأراضي الواقعة شرق نهر الفراتت، والتي تشمل الحسكة، القامشلي، كوباني، العامودة وغريه سبي. ومن ينظر إلى موقع منبج الجغرافي، يدرك مدى أهميتها في فتح الطريق الى الباب ومن ثم الى تل رفعت، الواقعة تحت سيطرة القوات الكردية. إن غلق هذه النافذة يحقق عدة أهداف دفعة واحدة منها:
1- ينهي وجود تنظيم داعش في هذه، ويقطع الحبل السري، الذي يربطه مع راعي الإرهاب الطاغية أردوغان.
2- يضع حد لحلم أردوغان، باستعادة أمجاد السلطنة العثمانية، وإفتعال القلال الأمنية في هذه المنطقة، وإدخال الإرهابيين اليها، ودفعهم لمقاتلة الكرد، وإقامة إمارة إهاربية فيها.
3- يقطع الطريق على النظام السوري المجرم، من الوصول إلى المنافذ الحدودية مع شمال كردستان.
4- يحقق الوحدة الترابية لإقليم غرب كردستان، وبالتأكيد يمنح الفرصة للكرد لأن يهتموا بوضعهم الإقتصادي، المعيشي، الصحي، السكني، والتعليمي في مناطقهم.
5- يقوي موقع الكرد التفاوضي أمام النظام السوري والمعارضة معآ في المستقبل.
6- هذا إضافة إلى السيطرة على سد تشرين المائي، والإستفادة منه في الشرب وتوليد الطاقة الكهربائية، وعمليات الري. وهذا مهم جدآ لإقتصاد الإقليم وتأمين حاجته المائية والكهربائية.
7- سيسمح بعودة الهدوء الى ربوع هذه المنطقة، والسماح لسكانها بالعودة اليها والعيش فيها بأمان.
ومن هنا ينبع أهمية مدينة منبج، في إطار هذه المعركة، وبتحريرها يفتح الطريق أمام قوات سوريا الديموقراطية، بالتوجه إلى مدينة الباب، والتي تعتبر أكبر معقل لتنظيم داعش في شمال حلب. وبتحرير هاتين المدينتين يكون قد قطعت الصلة بين قوات داعش المتواجدة شمال وشرق حلب، ومدينة الرقة. وهذا ما تريد تحقيقه ” قسد” كخطوة اولى، ومن ثم التوجه نحو تل رفعت ومارع، ومدينة جرابلس المحاذية للحدود السورية التركية، وطرد داعش وبقية المنظمات الإرهابية منها بشكل نهائي. ومن بعدها التفرغ لتحرير مدينة الرقة، “عاصمة” داعش، وتخليص أهلها من إجرامه، ودحره من هذه المحافظة.
وأنا واثق إن تحرير شمال حلب ومدينة الرقة من يد تنظيم داعش، سيفتح أفاقآ واسعة لتسوية سياسية حقيقية في سوريا، وهذا لا يناسب النظام السورري الإرهابي، وداعمي المنظمات الإرهابية كتركيا والسعودية وقطر. ولهذا يعارضون هذه الحملة التي يقودها قوات سوريا الديمقراطية، من أجل تحرير هذه المنطقة من حليفهم تنظيم داعش.
ولكن العالم الحر بقيادة أمريكا وبالتعاون مع وحدات الحماية الشعبية، قد قرروا إنهاء هذا الوضع، والعمل بشكل جدي في القضاء على هذا التنظيم المتوحش، وتخليص العالم من شروره نهائيآ.
أما فيما يتعلق بصمت النظام التركي وبلع لسانه، إزاء حملة تحرير مدينة منبج، يمكن تفسيره بشيئ واحد، هو إن الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي، قد طفح الكيل بهم، من نفاق وكذب اردوغان وإدعائه بمحاربة تنظيم داعش. ووصلوا الى قناعة راسخة، بأن تركيا غير جادة في محاربة هذا التنظيم كما وعدت بذلك، وبل تأكدوا إن تركيا، تقدم الدعم اللوجستي له، وتفتح حدودها أمامه لمرور المقاتلين. ومن هنا قرروا تخطي اردوغان والسير قدمآ في مخططهم، يدآ بيد مع القوات الكردية، التي جربوها ويعرفونها جيدآ بمدى شجاعة مقاتليها، وصلابتهم ومدى الإنضباط الذى يتحلون بها. وهي قوات تؤمن بالديمقراطية، وتحترم التنوع القومي والديني والثقافي لأهل البلد، وللمرأة دورٌ بارزٌ في صفوفها. كل هذا دفع بالأمريكيين الوثوق بها والإعتماد عليها.
ولولا ذلك لم دفعت أمريكا بمئات العناصر من خبرائها وجنودها في مشاركة هذه القوات في معركة منبج وبشكل علني، ووضع إشارات وحدات الحماية الشعبية على أكتاف هذه العناصر، وهذه كانت إشارة واضحة للأتراك، تقول ممنوع عليكم التحرش بهذه القوات، والدخول بريآ إلى الأراضي الواقعة بين مدينة جرابلس وإعزاز. وهذا ما لجم اردوغان وعصابته الإجرامية.
خلاصة القول، إن تحرير مدينة منبج، هو بداية توحيد إقليم غرب كردستان، ونهاية حلم الشرير اردوغان في إقامة امارة داعشية في إعزاز، ونهاية حلم القاتل والطائفي بشار الأسد، بالعودة مرة إخرى الى الحدود السورية – التركية.
02 – 06 – 2016
——————
موقع الكاتب على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/beyar.robari