لم يبقى في سوريا بيت إلا ودخله الحزن عنوة ولم يبقى سوري واحد إلا وأدمعت عيناه على هول وفظاعة ما  حدث خلال السنوات الست الماضية, لكن بقي الحزن والدمع هو المشترك اليتيم الوحيد الذي جمع السوريين، بينما مشتركاتهم الأخرى التاريخية والاجتماعية والثقافية والفكرية والوطنية تُركت للعابثين.

التشتت المكاني والفكري لا زال سيد الموقف، وخطاب النخبة لا زال ارتجالياً والقرار السوري لا زال خاضعاً لاملاءات أطراف إقليمية … أسطع صورة عن البؤس السياسي والتشتت الوطني هو حضور أشخاص ووفود  تدعي معارضة النظام وتمثيل السوريين في جلسة افتتاح جنيف 4 بموجب انتمائها لمنصاتها ( الرياض , القاهرة , موسكو, أستانا…) و على طاولات منفصلة عن بعضها وليس كوفد يعبر عن هم وطني, ناهيك عن أن أغلب الحضور كانوا حتى الأمس القريب جزءً من آلة النظام نفسه لا يحظى بأي تأييد شعبي ولايمثل مطالب وحقوق وطموحات الأغلبية السورية التي استخدمتها الأطراف المتحاربة مادة ووقوداً لصراعهم خلال السنوات الست.

الصورة الكردية في مرحلة الدبلوماسية التي بدأت مؤخراً لا تختلف كثيراً عن اللوحة السورية العامة سوى غياب منصة خاصة بهم, فالكُـرد المتواجدون ضمن وفد الائتلاف ربما كانوا موفدين عن أحزابهم لكنهم لم ينزلوا إلى شوارع المدن الكردية ولم يلتقوا ببقية الأحزاب والمنظمات والفعاليات الاجتماعية والمدنية ولم يمروا من كوباني المنكوبة ولا عفرين المحاصرة.

السوريون كما الكرد لم يسموا ممثليهم إلى جنيف, بل ثمة أطراف غير سورية هي التي حددت الحضور بالشخص والاسم نيابة عن السوريين… !

  المعارك تستمر في أكثر من مكان على أرض سوريا, وفي أمكنة أخرى تجري مزايدات باسم السوريين  تحت مسمى منصات حوار!!.  إذا كانت المنصات للحوار وإحلال السلام، فكان الأجدر بها أن تُقام في ساحات المدن المنكوبة وعلى أنقاضها حمص, حلب ,كوباني…  أو بالقرب من مقابر الشهداء ؟، أما الذين سيمثلون الكُـرد ويحملون معاناتهم وتضحياتهم ومطالبهم العادلة إلى المحافل والمؤتمرات، فكان من الحكمة والمنطق أن تختارهم منصة حوار كردية مفتوحة في القامشلي ترفدها منصات فرعية من عفرين و كوباني

أصحاب البيوت المدمرة والعوائل المشردة, ذوي الضحايا والشهداء على امتداد الجغرافيا السورية هم أصحاب الثورة وهم المعارضة الحقيقية الجديرة بالاعتبار وتمثيل النبض السوري وهم بالذات لا يعرفون حتى ممثليهم إلى جنيف ولا يعرفون عما يجري في المنصات وغرفها الخلفية ولا في المؤتمرات وكواليسها ومع ذلك يتوق الجميع إلى …نهاية سريعة للمأساة!.

* جريدة الوحـدة – العدد /283/ – شباط 2017 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

 

 

 

yekiti