مع بدء الثورة السورية السلمية و إنزياحها نحو العسكرة بفعل وتأثير المال السياسي والأجندات الطائفية لقوى المنطقة المتنافسة تاريخيا و أخذ هذه الأزمة بعدا عالميا بين قطبي العالم برز موقع الدور الكوردي المعارض غامضا ومشوشا ويفتقد للقراءة الموضوعية والبراغماتية تجاه تعقيدات الوضع السوري .
فقد انخرط قسم كبير منه أي المجلس الوطني الكوردي في المعارضة السورية التي تغيرت توجهاتها نحو التطرف الذي الديني والمذهبي وغيبت الوجه العلماني وفقدت الدعم الدولي والشعبي الداخلي .
ومع فقدان المعارضة وأجنحتها المسلحة لأوراقها يوما بعد يوم لم ينجح المجلس الوطني من طرح بديل ﻷساليب عمله وظل رهينة لتأثيرات الدولة التركية وقوى خليجية.
هذا الدور الذي يفقد وزنه يوما بعد يوم مع ضعف المعارضة وتفككها . وغياب توافق كوردي داخلي بين أقطاب كتله الرئيسية والاتفاق على الحد الأدنى من المشتركات السياسية والعسكرية .
خلال هذه الفترة من الثورة السورية تطور تيار آخر من المعارضة الكوردية عمل ببراغماتية مقبولة واستطاع تشكيل قوة عسكرية وقامت هذه القوة بدور إيجابي في حماية المنطقة الكوردية بكل مكوناتها وتمكن هذا التيار من جذب القوى والمكونات الأخرى لجانبه و إقامة إدارة رغم كل سلبياتها أثبتت إنها البديل الأفضل للفوضى .
وتطور الدور العسكري لهذه المعارضة بعد معركة كوباني ليتخذ شكلا آخرا واقتربت أوراقه السياسية والعسكرية من مصالح الولايات المتحدة ودول التحالف وباتت تحتل هذه القوة مكانة مهمة لدى هذه الدول حتى وصل الأمر لإصدار قرار من الولايات المتحدة بتسليحها رغم الظروف المعقدة والصعوبات التي واجهت هكذا قرار .
ومع كل هذه التطورات تشكل مجلس سوريا الديمقراطي وسط عزل كامل للإدارة الذاتية و مجلس سوريا الديمقراطي من قبل دول المنطقة .
مجلس سوريا الديمقراطي الذي تمكّن من الانفتاح على كل مكونات شمال سوريا وروج أفا وتبنى برنامجا سياسيا واقعيا وطرح مفهوم الفدرالية بشكل واضح في الوقت الذي فشل فيه المجلس الوطني في فرض نفس هذه المطالب على حلفائه في الائتلاف المعارض.
مجلس سوريا الديمقراطي الذي ينقصه التوافق الكوردي الآن بات مرشحا ليلعب دورا مهما في مستقبل سوريا وصياغة دستورها و لعب دور مهم بدعم من الولايات المتحدة وتوسع مناطق سيطرته ونفوذه وإمداده بالأسلحة .
هذا المجلس الذي يستمد بعضا من قوته من التفاهمات الروسية والأمريكية في سوريا و اقتراب احتلال هذا المجلس دورا مهما لدى دول الخليج بعد الأزمة الخليجية وابتعاد أوراق الحكومة التركية مع حلفائها في الخليج . تصريح السيد ستيفان دي مستورا بضرورة إشراك المكون الكوردي هو دليل مهم لتوجيه البوصلة نحو قوة المكون الكوردي في الداخل أي مجلس سوريا الديمقراطي الذي بقي مغيبا قبل الآن وضعف معارضة الخارج. هنا تقع مسؤولية كبيرة على بعض القوى الكوردية مثل التحالف والحزب التقدمي بلعب دور مهم في تقريب وجهات نظر الأطراف الكوردية والاتفاق على المطالب الكوردية السياسية على أقل تقدير في المرحلة الراهنة وتثبيتها في الدستور السوري و إنتزاع اعتراف دستوري بالقوات الكوردية كقوة وطنية ساهمت في مكافحة آفة الإرهاب التي عصفت بالدولة السورية والمحافظة عليها كقوة مهمة لحماية تجربة فدرالية شمال سوريا وروج أفا وتقع على عاتق القوة المسيطرة الآن على روج أفا بضروة الانفتاح على القوى الآخرى لأنه كلما كان هنالك توافق على رؤية واضحة لمستقبل الكورد في سوريا كلما اقتربت هذه المطالب من التحقق.