ما بعد انتهاء أزمة كورونا……
الدكتور محمد زينو
ستمر هذه الأزمة التي تعصف بالعالم و خلقت أزمة كبيرة لا نعلم نتائجها الآن .
كشفت هذه الأزمة البنية الأساسية للرأسمالية التي تحوي في كيانها بذور الأزمة و هي إذ تنتهي من واحدة لتدخل أخرى أكثر عمقاً و أعمق تأثيراً .
كشفت هذه الأزمة العالمية مدى هشاشة نظرية الليبرالية الجديدة التي حاولت تحييد تأثير الدولة بالاقتصاد و حصره في الحدود الدنيا.
لقد دعت الليبرالية الجديدة إلى تحديد موقف الدولة من الدورة الاقتصادية بشكل سلبي و محدود تماماً كما هو موقف الحكم في مباراة بين فريقين.
يركض الحكم مع رجال الفريقين و ينظر إلى منافساتهم الشرسة و يتدخل فقط عند وصول الصراع إلى مرحلة العراك و الأزمة، يعاقب هذا و يحذر ذاك من مغبة المضي بأفعاله وأخيرا تحديد الفائز .
لقد أثبتت الأزمة الحالية فشل هذه النظرية تماماً .
بينت الأزمة أن للدولة تأثير هائل لتحديد الأولويات الضرورية لتسيير أمور الناس و المجتمع .
سيكبر دور الدولة مستقبلاً من خلال السيطرة على قطاعات كبيرة في مجالي الاقتصاد و السياسة و التحكم بالامكانيات الضخمة التي تملكها الشركات والسيطرة على مقدراتها المالية الهائلة مثل شركات الطيران و السكك الحديدية و الصناعات الثقيلة و شركات إنتاج السيارات و التكنيك و البريد و الاتصالات و الطاقة .
ستحدد الدولة مجال عمل القطاع الخاص في حدود عمل الشركات المتوسطة الحجم و المساهمة .
سيندثر في قادم السنوات الكثير من وسائل الترفيه و التسلية مثل المسارح و السينما و المتاحف .
سيتم تقويض عمل السماسرة و الطفيليين في مجال شركات التأمين و الهواتف .
سيتم تقليص تأثير القطاع الغير المنتج ماديا على حساب الإنتاج الروحي .
كما سنحصل على مياه أكثر نظافة من الأنهار والبحيرات والبحار و سيتحسن وضع البيئة ارضاً و جوا .
سيتحسن وضع التعليم العام من خلال تقليص كثافة المواد المدرسية و قد يسيطر دورس Online أي إلكترونيا على حساب الدوام اليومي.
سيفقد الكثير من الناس دخلهم المادي و مكان العمل . هذا الفعل يدخل ضمن نتائج أزمات الرأسمالية و هو جزء من طبيعة البنية الإنتاجية لها .
اجتماعياً ……
ستندثر الكثير من العادات والتقاليد النافذة ، ستسيطر الفردية في العلاقات الاجتماعية على حساب الجماعية.
سيكون هنالك محدودية للأعراس و الحفلات و العزاء و المناسبات العامة، أي سيقتصر على عدد محدود جداً من الأصدقاء المقربين
في مناسبات الفرح لن نر في قادم السنوات اعراساً و حفلات تضم المئات من المدعوين و كذلك في مناسبات الحزن لن نر مئات من المعزين .
د. محمد زينو