مئوية معاهدة سيفر
المحامي اسماعيل المحمد
دامت الخلافة العثمانية لمدة ستة قرون متوالية ، خاضت خلالها العديد من الحروب حالفها النصر في أغلبها لتضم الكثير من بقاع العالم إليها ، إلى أن خاضت غمار الحرب العالمية الأولى لتخرج منها خاسرة ، و أرغامها من قِبل دول الحلفاء ( بريطانيا ، فرنسا، إيطاليا ، اليابان ) على توقيع معاهدة سيفر في ١٠ أب ١٩٢٠ في مدينة سيفر الفرنسية ، و قد كان توقيع الخلافة العثمانية على المعاهدة هو المسمار الأخير في نعش انهيارها ، و انتهاء الهيمنة العثمانية على الأراضي التي كانت قد احتلتها سابقاً ، و قد تضمنت المعاهدة تخلي الدولة العثمانية عن جميع الأراضي التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية ، إلى جانب استيلاء الحلفاء على أراض تركية ، حيث منحت تراقيا و الجزر التركية في بحر أيجة لليونان ، و تم الإعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية ، و الإعتراف باستقلال أرمينيا ، و إخضاع فلسطين للانتداب البريطاني، و إخضاع سوريا و لبنان للانتداب الفرنسي ،و أعتبار مضائق البسفور و الدردنيل مناطق محررة من السلاح و تحت إدارة عصبة الأمم ، و حصول كردستان على حكم ذاتي وفق البنود ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٤ من القسم الثالث من الباب الثالث من المعاهدة ، و قد تضمنت هذه البنود ما يلي :
البند ٦٢ :
تقوم لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء معينين من قِبل الحكومات البريطانية و الفرنسية و الإيطالية مركزها اسطنبول ، خلال ستة أشهر من تاريخ تنفيذ مفعول هذه المعاهدة ، بإعداد مشروع حكم ذاتي محلي للمناطق التي يشكل فيها الأكراد الأكثرية و التي تقع إلى الشرق من الفرات و إلى الجنوب من الحدود الجنوبية لأرمينيا ، كما تحدد فيما بعد ، و إلى الشمال من الحدود التركية مع سوريا و ميزوبوتاميا بشكل متوافق مع الوصف الوارد في الفقرة(٢ ، ٣ ، ١١) من البند السابع و العشرين من المعاهدة ، و في حال حدوث إختلاف في الرأي حول موضوع ما ، يعرض الإختلاف من قِبل أعضاء اللجنة على حكوماتهم المعنية و يجب أن تتضمن هذه الخطة الضمانات التامة لحماية الأشوريين- الكلدان و غيرهم من الأقليات العنصرية أو الدينية الداخلة في هذه المناطق ، و من أجل هذا الغرض تقوم لجنة مؤلفة من ممثليين(بريطاني و فرنسي و ايطالي و ايراني و كردي ) بزيارة الأماكن لدراسة التغيرات التي يحب أجراؤها ، عند الحاجة في الحدود التركية حيثما تلتقي بالحدود الإيرانية ، و لتقريرها، بحكم قرارات هذه المعاهدة .
البند ٦٣ :
تتعهد الحكومة التركية من الآن بالاعتراف بقرارات اللجنتين المذكورتين في البند ٦٢ و القيام بتنفيذها خلال ثلاثة أشهر من تأريخ ابلاغها بها .
البند ٦٤ :
إذا رجع الأكراد القاطنون في المناطق الواردة ضمن البند ٦٢ ، مجلس عصبة الأمم خلال سنة من نفاذ هذه المعاهدة ، مبينين أن أكثرية سكان هذه المناطق يرغبون في الأستقلال عن تركيا ، و إذا وجد المجلس آنذاك أن هؤلاء جديرون بمثل ذلك الأستقلال و إذا أوصى- المجلس – بمنحهم اياه، فتتخلى عن كل ما لها من حقوق و حجج قانونية في هذه المناطق، و تصبح تفاصيل هذا التنازل موضوع اتفاق خاص بين الدول الحليفة الرئيسة و تركيا ،و إذا وقع قبل هذا، و في الوقت الذي يحدث فيه ، فإن الدول الحليفة الرئيسة لن تضع أي عراقيل بوجه الأنضمام الاختياري للأكراد القاطنين في ذلك الجزء من كردستان الذي ما زال حتى الآن ضمن ولاية الموصل ، و إلى هذه الدولة الكردية المستقلة .
أن هذه المعاهدة أدت إلى انفصال الحركة القومية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك عن الباب العالي في اسطنبول ، و تشكيل برلمان في أنقرة في عام ١٩٢٠ ، و هنا ظهرت عدم جدية دول الحلفاء للتوقيع على المعاهدة ، بأستثناء إيطاليا ، و بعد تولي الحركة القومية التركية الحكم في ٢٩ تشرين الأول ١٩٢٣ بقيادة مصطفى كمال أتاتورك و تأسيس الجمهورية التركية التي اعتبرت أن بنود هذه المعاهدة تمثل ظلماً بالدولة التركية بسبب خسارة تركيا لحجم هائل من المناطق التي كانت تابعة للدولة العثمانية ، لذلك حاولت تركيا إقناع دول الحلفاء بتوقيع معاهدة جديدة هي معاهدة لوزان في عام ١٩٢٣ .