عندما ندعوا ونقول يجب منح تحرير جرابلس ومنبج وإعزاز الأولية القصوى كرديآ، لا نتحدث من فراغ، وليس بسبب جمال المنطقة ونوعية تربتها، ولا لأهميتها التاريخية، ولا بهدف كسب بعض الكيلومترات الزائدة.
أهمية هذه المنطقة، تنبع من موقعها الجغرافي الحساس جدآ لإقليم غرب كردستان، لأنها صلة الوصل بين أراضي الأقليم في غرب نهر الفرات وشرقه، ومن دون تحرير هذه البقعة من يد الدواعش والنصرة عملاء تركيا، لا يمكن الحديث عن وحدة الإقليم الجغرافية والديمغرافية أبدآ.
ثانيآ، لا يمكن حماية الإقليم من هجمات الجماعات الإرهابية، وتدخلات الدولة التركية في شؤونه أمنيآ وعسكريآ، ولا حمايته من تدخلات النظام البعثي- الطائفي السوري البغيض، ولا فك الحصار عن مقاطعة عفرين وحي الشيخ مقصود بمدينة حلب، الذي يستمر منذ أكثر منن ثلاثة سنوات.
ثالثآ، إن إغلاق هذه النافذة، يقطع الحبل السري الذي يربط بين التنظيمات الإرهابية كتنظيم داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام، ونظام أنقرة الإجرامي، المعادي للشعب الكردي.
رابعآ، إن تحرير هذه الأراضي الكردستانية، لها أهمية إستراتيجية في غاية الأهمية، لأنها تفصل بين الدولة التركية والعالم العربي، وتحمي ظهر شمال كردستان، ولهذا
تسعى الحكومة التركية وبشتى الوسائل لمنع الكرد منن السيطرة على هذه المنطقة التي لا تزيد طولها عن 80 كيلومتر، وعمق حوالي 70 كيلومتر.
بعد أن تحدثنا عن أهمية المنطقة، التي تقع بين بلدة جرابلس وإعزاز ومنبج وتل رفعت، لإقليم غرب كردستان، ومدى ضرورة تحريرها، جاء الوقت للحديث عن عامل الزمن، الذي لا يعمل لصالح الكرد، والموقف الأمريكي الغامض من ذلك.
لقد كتبت حول هذا الأمر مرارآ وتكرارآ، ونبهت الإخوة في قيادة قوات الحماية الشعبية وحزب الإتحاد الديمقراطي، إلى أهمية عامل الزمن في هذه القضية، وأضفت بأن هذه الفرصة تاريخية ولن تتكرر مرة إخرى. ودعوتهم للبدء بتحرير هذه المنطقة مباشرةً بعد تحرير مدينة غريه سبي، وعدم التوجه إلى مدينة الحسكة رغم أهميتها الكبرى. واليوم أكرر نفس الكلام الذي قلته سابقآ، إن تحرير هذه البقعة الصغيرة جغرافيآ، يعادل أهمية مدينة كركوك بالنسبة لجنوب كردستان، إن لم يفوقها أهمية.
والزمن يعمل لصالح أعداء الكرد فيما يخص تحرير هذه المنطقة، وكل ما تأخر الكرد في تحريرها وضمها للإدارة الذاتية، كلما تمكن الأتراك من تخريب الوضع، وتعقيدها وخلقوا المزيد من العراقيل امام الكرد، من خلال ادخال المزيد من الإرهابيين اليها وتزويدهم بالسلاح والعتاد، لمقاتلتهم، وحصار عفرين وقصفها بالقذائف الصاروخية بهدف دفع سكانها للهجرة وإفراغ المنطقة من أهلها، وإحداث خلل ديمغرافي فيها، لكي يسهل على اولئك القتلة والمجرمين السيطرة عليها، والقضاء على إقليم غرب كردستان، في مهده كما يخطط لها تركيا منذ البدء وتتمنى تحقيق ذلك.
والطرف الأمريكي لا يمكن الوثوق به أبدآ، وخاصة للكرد تجارب مريرة معهم، ولا ننسى إنهم رفضوا التعامل مع (ب ي د) لسنوات طويلة، وكانوا يحرضون المجلس الوطني الكردي الإستنطبولي عليه، ولو إضطرار الأمريكان للتعاون مع قوات الحماية الشعبية، لمحاربة داعش، بعد فشل الجيش الحر في ذلك، ورفض بقية التشكيلات القيام بذلك، لما تعاونوا مع الكرد. وبدليل أنهم يرفضون أي تعاون سياسي بين الطرفين حتى الأن، وورفضوا منح الفيزا لقادة حزب الإتحاد الديمقراطي لزيارة أمريكا. ففي الإسبوع الماضي دعت الإدارة الأمريكية لأول مرة، السيدة سينم محمد مسؤولة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية، وإلهام أحمد الرئيسة لمجلس سوريا الديمقراطية، لزيارة أمريكا، ولقاء بعض المسؤولين الأمريكيين.
والأمريكان سريعي التخلي عن “أصدقائهم”، في حال أنتفت مصالحهم معهم،وهناك مئات الأمثلة التي تؤكد صحة ما أقوله، وبالأساس الغربيين جميعآ لا يؤمنون بشيئ اسمه الصداقة في السياسة الدولية، وهذا صحيح. والذي دفع الأمريكان الى التعاون مع الكرد في سوريا، هو مصالحهم وليس شيئآ أخر.
وبناء على ما تقدم، يجب على الطرف الكردي، والذي يتمثل في الإدارة الذاتية، وقوات
الحماية الشعبية، وتف- دم، عدم الركون إلى الوعود الأمريكية، والمضي وراء سياستها في غرب كردستان، وعلى الكرد إنتهاج سياسة مستقلة، إذا إصدمت خطط أمريكا مع مصالح الشعب الكردي القومية. فالأمريكا مصالحها الخاصة، وليس بالضرورة تتفق دومآ مع المصالح الكردية، وهي ستسعى لإرضاء حليفتها في حلف الناتو تركيا على الشعب الكردي ومصالحه. ومن هنا على القيادة الكردية، أن لا تنجر إلى معارك لا ناقة للكرد فيها، كمعركة الرقة.
وإذا كان لا بد من مساعدة الأمريكان في تحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش، فيجب أن يتم ذلك بعد تحرير مدينة منبج وجرابلس وإعزاز، وليس قبل ذلك. وبرأي أي دخول كردي إلى المدينة، سيكون له عواقب سلبية على الكرد في المستقبل. لأنها ليست مدينة كردية، وتقع خارج أراضي اقليم غرب كردستان، والعرب أولى بتحريرها، وإدارتها.
23 – 05 – 2016