بدايةً ان حق الشعوب في اجراء الاستفتاء على استقلاله السياسي وتقرير مصيره هو حق اساسي ومكتسب بموجب جميع العهود والمواثيق الدولية ويكفله جميع الشرائع والقوانين الوضعية والسماوية وجميع احكام ومبادىء القانون الدولي العام وقد جاء التاكيد على ذلك في الفقرة الثانية من المادة الاولى لميثاق الامم المتحدة ( الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبان يكون لكل شعب من شعوب العالم الحق في تقرير مصيره بنفسه) وتم التاكيد على هذا البند الذي يمثل حقاً اساسياً ومكتسباً للشعوب في القرار الصادر عن الجمعية العامة برقم /2955/ لعام 1968 والذي نص على حق الشعوب في تقرير المصير والحرية والاستقلال وشرعية نضالها بكل الوسائل المتاحمة والمنسجمة مع ميثاق الامم المتحدة وكذلك قرارها رقم /3070/ الصادر في عام1973والذي يطالب جميع الاعضاء في الجمعية العامة الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها وبناء على ماتم سرده من نصوص ومواد فانه ليس من حق اي شعب كان ان يحجب هذا الحق عن شعب اخر او يصادر ارادته في تقرير مصيره بنفسه .
وانطلاقاً من تلك القواعد والنصوص القانونية وتناغماً مع انتماءنا القومي ككورد ولما لقضية الاستفتاء من ارتدادات على الكورد في الاجزاء الاخرى فاننا نؤيد وندعم وبقوة مساعي وجهود رئيس اقليم كوردستان الاخ مسعود البارزاني الرامية الى اجراء الاستفتاء على استقلال اقليم كوردستان عن العراق بالرغم من كون قضية الاستفتاء هي قضية داخلية في نهاية المطاف وتخص شعب اقليم كوردستان بالدرجة الاولى وما علينا ككورد في باقي الاجزاء الاخرى من كوردستان الاّ ان نحترم ارادة وخيارات شعب الاقليم في ذلك بغض النظر عن نتائجها ان جاءت متوافقة مع اهوائنا السياسية او لا وهذا الحق مع انه حق اساسي ومكتسب ومطلق للشعوب الا انه لايمكن ممارسته اعتباطاً ولابد من تهيئة الظروف الذاتية والموضوعية المناسبة لممارسة هذا الحق وذلك لكي تكون نتائجه متطابقة ومنسجمة مع طموح الشعب ويكون عاملاً مساعداً له في الارتقاء الى مستوى معيشي افضل وحياة حرة وكريمة اضافة انه سلاح ذو حدين فقد يؤدي ممارسته واستخدامه الى تحقيق الآمال المشروعة للشعب التواق الى الحرية والاستقلال ان أُحسِن توظيفه واستخدامه وقد يؤدي الى تحطيم تلك الآمال المشروعة ان أُسيء استخدامه وإن لم يتم تقدير الظروف المناسبة تقديراً صحيحاً لانه حينها قد يتحول الى سلاح بيد الدولة المركزية لمواجهة الحقوق المشروعة لذلك حين ممارسة هذا الحق ولضمان نتائج افضل له بما يلبي طموح الشعب في الاستقلال يتوجب توخي الحذر ودراسة معمقة لمعطيات السياسة الدولية من جهة ونضوج فكرة الاستقلال لدى الشعب ومدى استعداده لتحمل تبعات ونتائج وارتدادات ممارسة ذاك الحق وتوفر مقومات الحياة والاستمرارية للدولة الوليدة نتيجة ممارسة هذا الحق.
فقضية الاستفتاء هي قضية وطنية وسيادية ومصيرية للشعب الكوردي في الاقليم بالدرجة الاولى ولعموم الشعب الكوردي في بقية اجزاء كوردستان بالدرجة الثانية لذلك يجب ان تكون محصّنة ضد التأثيرات السلبية لاجندات الاحزاب السياسية وخلافاتهم وان لايتم توظيفها سياسياً من قبل جهة ما ضد جهة اخرى بغية تسجيل النقاط والمواقف السياسية واهم تلك المقومات والمستلزمات التي يجب العمل على توفيرها وتحقيقها قبل البدء باجراءات الاستفتاء من وجهة نظري هي :
١- التوافق والاجماع السياسي بين القوى والاحزاب الفاعلة والرئيسية في الاقليم على موقف ورؤية موحدة من قضية الاستفتاء اذ انه من غير الممكن اجراء الاستفتاء او ضمان نتائج افضل له في حال تم اجراءه وذلك في ظل حالة الانقسام السياسي والمجتمعي والعشائري الحاد والتناحري التي تسود وتحكم العلاقة فيما بين القوى والاحزاب الرئيسية في الاقليم الان والتي وصلت الى درجة العداء والقطيعة والاتهام بالخيانة واصدار مذكرات القبض والاعتقال بحق البعض من القادة المؤثرين على الساحة السياسية الامر الذي يستحيل معه امكانية عقد اجتماع للقادة والاحزاب والجلوس على طاولة واحدة والتي انعكست سلباً على الحياة السياسية والدستورية مما ادى الى تعطيل للمؤسسات الدستورية التي من المفترض ان تكون هي صاحبة الحق في اتخاذ هكذا قرار مصيري تحت قبته من خلال تشريع واصدار قانون ناظم لذلك (البرلمان ) وشلل المؤسسات الحكومية وعجزها عن القيام بالمهام الموكلة اليها ( الحكومة)
٢- بناء مؤسسات وطنية موحدة و مستقلة تكون ولاءها للوطن وبعيدة عن التبعية والولاءات الحزبية توكل اليها مهام الدفاع وحفظ الامن وتحقيق العدالة وصيانة وحماية الدستور ( البشمركة- الشرطة والامن- القضاء – المحكمة الدستورية)
٣- تحقيق الاستقلال الاقتصادي (بناء اقتصاد قوي وبنية تحتية متينة وسليمة) فالاستقلال الاقتصادي هو احد اهم مقومات واركان الاستقلال السياسي لاي دولة كانت حيث انه من المعروف بان الاقتصاد هو الذي يوجه ويحرك السياسة وليس العكس والتحرر الاقتصادي هو مقدمة للتحرر السياسي وبدونه يكون استقلال الدولة منقوصاً وسيادتها منتهكة كما هو حال الكثير من الدول التي تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة الا انها تبقى تابعة للجهة والدولة التي تتحكم بها اقتصاديا وهي من تحدد اولوياتها وسياساتها الخارجية
٤-محاربة الفساد والبدء باجراءات اصلاحية جدية في ظل تعشعش الفساد والمحسوبية في المؤسسات الحكومية والحزبية لدرجة ظهور شبكات المافية الاقتصادية التي تتحكم بكل مرافق الحياة الاقتصادية في الدولة والذي ساهم في ولادة الشعور لدى معظم المواطنين بالحنين الى عصر النظام الطاغي لايبقى للاستفتاء والاستقلال اي اهمية وجدوى لدى المواطن العادي الذي يسعى قبل كل شيء من قضية الاستفتاء والاستقلال الى تحسين المستوى المعيشي لاسرته والعيش بحرية وكرامة.
وقد تأتي نتيجة الاستفتاء في ظل هكذا حالة اقتصادية متردية وممزوجة بالفساد بعكس كل التوقعات ومخيبة لكل للآمال وكارثية على مستقبل القضية ناهيكم عن عدم وجود دستور للاقليم طيلة هذه السنوات من حكم الاقليم الشبه المستقل لنفسه بنفسه لذلك يتوجب على القيادة السياسية في الاقليم وبحكم المسؤولية الدستورية والتاريخية الملقاة على عاتقها وخاصة سيادة الرئيس مسعود البارزاني الذي نأمل منه التصرف والمبادرة من موقع الرئيس لكل الشعب وليس رئيساً للحزب الديمقراطي والسعي الجاد والحثيث من موقع الاب والاخ الحكيم والسميح والاكبر لبقية القادة والاحزاب لاعادة الثقة و اللحمة الوطنية بين القوى والاحزاب الرئيسية وازالة اسباب الاحتقان وتحريم انتهاج لغة التخوين فيما بين الاطراف وتفعيل المؤسسات الدستورية المعطلة وصولاً الى رؤية سياسية موحدة كفيلة بحل جميع القضايا العالقة في الاقليم عن طريق الحوار والتفاهم والتوافق للحفاظ على مكتسبات ووحدة الاقليم وفاءً لدماء الشهداء وبطولات البشمركة الابطال الذين يسطرون ملاحم البطولة والفداء في جبهات القتال ضد قوى الشر والظلام التي تريد القضاء على الحلم الكوردي المشروع في الحياة الحرة والكريمة والعمل على توفير المقدمات والمستلزمات الوارة اعلاه قبل البدء بالاجراءات التنفيذية للاستفتاء لكي تكون نتائجها ملبية لطموحات شعب كوردستان التواق الى الحرية والاستقلال