بغض النظر عن الجهة الناشرة للخبرعن قرب بدء المفاوضات بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) فإنّي أستبعدها، لأن تركيا لن تتفاوض مع الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره جزءاً من منظومة العمال الكردستاني المحظور والمحارب من قبلها على جميع الأصعدة والمستويات، بل تصعّد حكومة العدالة والتنمية AKP)) من تحشداتها العسكرية على الحدود المشتركة، ومن تهديداتها لاحتلال مناطق شرق الفرات لتحريرها من الـ pyd (حسب إدعائها) ، وذلك من باب الدعاية لترفع من رصيدها في الانتخابات المحلية القريب إجراؤها.

وإن صح خبر مطالبة تركيا بعودة المعارضة الكردية مثل المجلس الوطني الكردي (ENKS) وكذلك المجالس المحلية العربية إلى مناطق شرق الفرات (وأنا أشك في ذلك)، فإن تركيا لن تفاوض (كما أسلفت) بل ستفرض  شروطاً غاية منها لسحب البساط من تحت أقدام الـPYD وتنحيته من الإدارة الذاتية أو تقليص دوره فيها على أقل تقدير، ثم تتذرع و تتدخل في المنطقة عبر وسطائها وحلفائها بطريقة أو بأخرى.

إنّ الهدف من بناء قوات التحالف بقيادة أمريكا لنقاط المراقبة على الحدود بين منطقة شرق الفرات وتركيا هو لمنع التصادم بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات التركية باعتبارهما حليفين لها في مكافحة الارهاب، وتأكيدها على حمايتها لمناطق الإدارة الذاتية وعلى دعمها لـ (قسد)، وبالتالي الجاهزية التامة للرد على أي تهديدٍ جدي للأمن والاستقرار فيها، هذه من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى، طمأنة تركيا وضمان سلامة حدودها من أية اعتداءاتٍ أو اختراقاتٍ قد تحدث من جانب مناطق الإدارة (شمال شرق الفرات).

إنّ ازدياد حجم الدعم الأمريكي من القوات والعتاد لقوات سوريا الديمقراطية دليلٌ على جدية أمريكا على حماية مناطق شمال شرق سوريا من أية مخاطرٍ أو تهديداتٍ مهما كانت مصادرها، وإصرارها على البقاء غير المحدود فيها حتى تفرض شروطها وأجنداتها على الساحة السورية كما يصرح بها مسؤولو الإدارة الأمريكية مثل مبعوثها الخاص جيفري جيكسون وهي القضاء التام على المجاميع الإرهابية (داعش) وإخراج كافة القوات الأجنبية (الايرانية خاصة) من سوريا، وفرض حل سياسي وفق القرار الأممي 2254 ابتداءً من تشكيل اللجنة الدستورية وانتهاءً بانتخابات رئاسية جديدة.

الاشتباكات الحاصلة بين القوات التركية وبعض مرتزقتها من الفصائل الإرهابية المسلحة تندرج في إطار تنفيذ اتفاقيات “سوتشي” والصفقات المعقودة دولياً وإقليمياً، والتي كان الهدف منها تصفية المعارضة العسكرية بعد تجميعها من مختلف مناطق سيطرتها (الغوطة، درعا، قلمون) في إدلب.

أما عفرين فقد احتلت بصفقة دولية، وتحريرها مرهونٌ بصفقةٍ أخرى مماثلة، والحل النهائي للأزمة السورية كفيلٌ لإعادتها إلى أوضاعها الطبيعية لما قبل الغزو التركي، وما الإجراءات الأمنية المتخذة من حظرٍ للتجوال وغيرها في الآونة الأخيرة إلا لإتاحة الفرصة للإرهابيين لارتكاب المزيد من النهب والسلب والقتل والخطف…

ثمّ أنّ رفض المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECTHR) النظر في الشكاوي المقدمة من قبل مدنيين في عفرين حول الانتهاكات التي ترتكب من قبل الميليشيات الإرهابية بتخطيطٍ وإشرافٍ من أجهزة الاستخبارات التركية والقوات المسلحة التركية على أنها (أي الشكاوي) غير مكتملة الأركان والتذرع بوجود فرصة للمقاضاة أمام المحاكم التركية بحجة عدم استنفاذ كافة الطرائق القانونية المحلية يعتبر تهرباً من مسؤولياتها القانونية والإنسانية أمام شعبٍ يتعرض لأبشع الممارسات اللاإنسانية وتتجاوز حدود الإبادة العرقية والثقافية من قبل دولة الاحتلال التركي، ويظهر طغي الجانب السياسي على قرارها باعتبار تركيا دولةً مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وعضو فاعل في الحلف الأطلسي (ناتو)، وتشير إلى أن الدول الأوربية كانت على علمٍ ووفاقٍ بالاحتلال التركي لعفرين.

yekiti