منذ أن تواجد النفوذ الروسي في سوريا عبر قاعدتها الحربية المهمة والمتقدمة في مواجهة مخاطر كبيرة على مصالح روسيا في الشرق الأوسط. عملت على تقوية النظام المتواجد في سوريا بمدّه بمختلف أنواع الأسلحة وبصفقات كبيرة وتغاضت عن مديونية النظام السوري لروسيا عبر عقود من الزمن وحمايته في النظام الدولي عبر قرارات ومقايضات في مجلس الأمن وتشكيل إطار طائفي ومذهبي قوي حوله من خلال دعم وجوده بالمقاتلين الشيعة في إيران والعراق ولبنان ومناطق آخرى.
كل هذا التواجد الروسي القوي والمؤثر على النظام السياسي في دمشق لم يظهر أبدا ذرة من الإيجابيّة تجاه ما حل بالكورد في سوريا وعموم المنطقة لا بل فتح الباب مفتوحا لهذا النظام لتوطيد علاقته الأمنية مع دول المنطقة حتى تركيا التي كانت متواجدة في حلف الناتو المناهض لروسيا.
كل هذا التغاضي عن حقوق الكورد جاء تلبية لتقوية النظام السوري. وتوضح الدور الروسي أكثر عبر محاولة ابتزاز الكورد ليبقوا في حضن النظام لكي لا يفقد العصب الحيوي الاقتصادي في ديمومة الدولة السورية المستأجرة بثمن رخيص كقاعدة حربية روسية.
روسيا التي طالما تظاهرت بتأييدها للحقوق الكوردية عبر مقابلات صحفية للرئيس الروسي بوتن أو بعض كبار مسؤوليه لعبت لعبة العصا والجزرة مع الوحدات الكوردية والإدارة القائمة .
فعندما ركعت تركيا وتخلت عن حلب وباعت ثوارها الإسلاميين بثمن بخس سارعت روسيا لفتح الطريق أمامها لدخول جرابلس وساندت عملياتها في مدينة الباب بعد أن توضّح تماطل دول التحالف في مساندتهم لكي تقطع الطريق على الوحدات الكورديّة .للوصول لعفرين ومن ثم شق طريق للبحر.
وها هي الآن تعود لنفس المقايضات الرخيصة مع الدولة التركية بعد إحراجها وإسقاط الولايات المتحدة طائرة النظام السوري في الطبقة لتعطي الدولة التركية الضوء الأخضر لتحشيد قواتها أمام أسوار عفرين.
هذا النمط الروسي المافيوي في تهديد الكورد ومعاقبتهم لن يجدي نفعا بعد أن قويت شوكة الوحدات الكورديّة في التحالف الدولي وتوضح مدى تمتعها بالحماية من طائرات النظام في الطبقة وهي تملك ما يكفي من أوراق القوة التي تستطيع أن تستخدمها في وجه الروس وحلفائهم وما التهديد الذي أطلقه صالح مسلم وبعض قيادات الإدارة الذاتية ضد تحشد قوات الحشد الشعبي على حدود روج آفا وبيان قوات سوريا الديمقراطية ضد قوات النظام السوري بالرد على أي اعتداء إلا دليلا واضحا على تلقي هذه القوات الموافقة على استخدام هذا الأسلوب الجديد والقوي بالتعامل مع النظام وحلفاءه .
إن كانت روسيا ماضية في هذه السياسة دون التوافق مع الولايات المتحدة على الحقوق الكوردية ستجد نفسها على تخوم قاعدة أمريكيّة وغربيّة على حدود قاعدتها العسكريّة المتواجدة في سوريا مما يقوّض من تواجدها العسكري القوي في المنطقة.