عندما أقول إن رفع العلم الكردستاني في مدينة كركوك أو غيرها من المناطق المستقطعة من إقليم جنوب كردستان عنوةً، خطوة دستورية ومشروعة، أستند في ذلك أولآ إلى الدستور العراقي الحالي، وثانيآ الى حقائق التاريخ والجغرافيا، وثم حق الشعوب في التعبير عن هويتها القومية.
كل مَن راجع الدستور العراقي الحالي، يعلم علم اليقين بعدم وجود مادة أو نص، يمنع رفع علم كردستان فى كركوك والمناطق الأخرى المشمولة بالمادة 140 الدستورية الغير منفذة منذ 12 سنة، والتي أطلقت عليها زورا تسمية “المناطق المتنازع عليها”. لذا من حق الكرد وإقليم جنوب كردستان، أن يرفعوا علم كردستان في كافة المناطق الكردستانية ومن ضمنها كركوك. وإذا عدنا الى التاريخ والمفاوضات بين الكرد والحكومات العراقية المتعاقبة جميعا، لرأينا كلها فشلت بسبب تمسك الكرد بمدينتهم كركوك وعدم تنازلهم عنها في أحلك الظروف. وجغرافيا كل الخرائط العثمانية وما قبلها من خرائط، تؤكد كردستانية كركوك، وحتى إحصاء عام 1957، أكد على أن نسبة الكرد تفوق نسبة بقية المكونات مجتمعة، في المدينة.
ولا ننسى إن العلم الكردستاني مرفوع فوق المباني الرسمية كالمدارس وغيرها الى جانب العلم العراقي منذ عدة سنوات، ولم يتحدث عن ذلك أحد، ويجعل من الأمر قضية. فما الذي تغير هذه المرة، عندما رفع العلم بشكل رسمي وقانوني؟
الجديد هذه المرة، هو أن العلم رفع بشكل قانوني ودستوري، وجاء ذلك بعد أن صوت مجلس المحافظة بأغلبية الأصوات على قرار خاص بالأمر، وكان ذلك بتاريخ 28 أذار 2017. الغريب في كل ما جرى، هو الموقف المائع للبرزاني وحزبه المتحالف مع الدولة التركية الطورانية، الذي أعتبر رفع العلم قضية ثانوية، وضرورة التركيز على موضوع إخراج القوات الأجنبية “قوات حزب العمال الكردستاني” من شنكال.
مع العلم أن وسائل الإعلام التابعة للبرزاني، حاولت أن تنسب الفضل في رفع العلم الكردستاني في كركوك للبرزاني، مع العلم بأن الذي بادر إلى ذلك، هو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وقيادة مجلس المحافظة من الكرد الموالين لجلال الطالباني.
وقد فضح قادة الأتراك رجلهم المخلص البرزاني، عندما أعلنوا بأنهم اتفقوا معه بعدم رفع العلم الكردي في مدينة كركوك، ولكن الذي لم يحسبوا حسابه، بأن يتجرأ الحزب الثاني في الإقليم، أي الاتحاد الوطني برفع العلم الكردستاني فوق المباني الرسمية، ووضع غريمه الحزب الديمقراطي ورئيسه مدى العمر في الزاوية ويكشفه على حقيقته.
أنا شخصيا، لا تعنيني التهديدات التركية الفارغة بشيء، ولا قرار مجلس الشعب العراقي العنصري.
وليس باستطاعتهما فعل أي شيء حقيقي على الأرض، والعلم الكردي سيظل يرفرف عاليا في سماء المدينة، شاء من شاء وأبى من أبى. وعلى الكرد أن لا يعيروا اهتماما كبيرآ للجعجعة التركية، ولا حتى الإيرانية، وأن يلتفتوا الى مدينة الموصل واستعادة الأقضية الكردية المتبقية في المحافظة، تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، ورفع العلم الكردستاني في تلك المناطق أيضا.
ختاما، إنني أرى أن الخطوة الكردية برفع العلم الكردستاني في كركوك تحديا، كانت موفقة وضرورية للغاية، وأبارك لأهلنا في المدينة العزيزة هذه الخطوة المباركة.
وأقول لإخوتنا من المسيحيين، والتركمان والعرب، بأن رفع العلم الكردستاني على المباني الرسمية في مدينتهم كركوك، لا تختلف بشيء عن رفع نفس العلم في باقي مدن الإقليم. وهذه الخطوة لا تعني المساس بهويتهم القومية نهائيا. والمطلوب منهم عدم الإنصات لِمَ يتبجح به كل من أردوغان وبعض الساسة العراقيين الطائفيين الدجالين. وعلى الجميع من أهالي المحافظة الحفاظ على التأخي والتعايش السلمي بين مكونات المدينة، وعدم إعطاء المجال للغرباء، بدق الإسفين بينهم مهما جرى.