لعله من نافل القول ان القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في 18ديسمبر 2015 يعد من اهم القرارات التي اتخذها المجلس بصدد الازمة السورية والتي تحولت الى كارثة العصرالانسانية حيث تجاوز عدد قتلاها 300 الف ومثلها من المعوقين والمعتقلين ناهيك عن تحول نصف ابناء الشعب السوري الى لاجئين ومشردين في داخل البلاد وخارجها , اضافة الى الدمار الهائل الذي طال معظم البنى التحتية , وذلك نتيجة لسياسات النظام الدموي في طريقة تعامله مع مطالب الشعب السوري والاعمال الاجرامية التي تقوم بها التنظيمات الجهادية التكفيرية المتطرفة كداعش وجبهة النصرة ومثيلاتهما.
يأتي هذا القرار كثمرة لجهود دبلوماسية اقليمية ودولية بذلت في الفترة الاخيرة دون هوادة بخاصة الاجتماع الذي التأم في فيينا ل17 دولة وممثلي الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة واصدارهم البيان الذي تضمن 9 نقاط توافق عليها المجتمعون ملخصين وجهة نظرهم للمبادئ العامة للحل السياسي وسبل انهاء العنف المتفشي وهزيمة التنظيمات والجماعات الارهابية ومن ثم بيان فيينا2 للمجموعة الدولية لدعم سوريا،الا انه يبقى لقاء كيري-لافروف وبوتين-كيري هو العنوان الابرز في تلك الجهود والمرجعية الاكثر فاعلية لما اعتمد عليها في صياغة ذلك القرار واستصداره.
لم يكن من المؤمل الوصول الى هذا القرار لولا عملية الشد والجذب بين الطرفين الامريكي والروسي , ونعتقد بأننا لا نجافي الحقيقة حينما نقول بأنه يعكس توافق المصالح الدولية اكثر منه تحقيقا للعدالة والقيم الانسانية وأنه شكل السقف الاعلى لما يمكن للروس ان يصعدوا اليه في سلم اولوياتهم والحد الادنى الذي يمكن للامريكان النزول اليه في سلسلة تنازلاتهم اي انه العتبة التي تمثل تجسيرا للهوة بين الموقفين نزولا عند متطلبات السياسة الواقعية.
وكون هذا القرار ابصر النور وخرج من بين ركام تعقيدات المصالح السياسية الدولية المتباينة، المختلفة احيانا والمتناقضة احيانا اخرى ىبشأن قضية أمست بؤرة جذب لتدخلات من كل حدب وصوب فهو ينطوي في بناء فقراته على نقاط غامضة قد تشكل في قادم الايام عوائق وعقبات على طريق تحقيق التسوية السياسية الطلوبة في سوريا وقد لا يكون هذا القرار بمثابة الترياق الشافي للأزمة , لكن الواجب يفرض علينا ان ندعمه ونسعى جاهدين ليكون ذلك.