بعد تهميشٍ دام لعقود, لم يعد خافيا – في الفترة الأخيرة – تعاطف المجتمع الدولي مع الحالة الكردية في سوريا, إذا اعتبرنا أن أشقاءنا في كردستان العراق قد سبقونا في كسب اهتمامه منذ أكثر من عقدين.
في الحالتين العراقية والسورية كان للعامل الذاتي الكردي المتمثل بشقه العسكري ( بيشمركة, وحدات الحماية ) وحيويته, الدور الرئيسي لجذب الاهتمام الدولي بالكُـرد وقضيتهم, وليست المساعي الدبلوماسية, أو عدالة القضية الكردية أو ما إلى ذلك … أي أن التحالفات العسكرية سبقت الحالة السياسية، وهذا يعني في قراءة بسيطة أنه حينما تتهدد مصالح الدول الكبرى في المنطقة تضطر هي بنفسها للبحث عن أصدقاء على الأرض, تلتقي معهم في المصلحة والهدف, مستعينة في ذلك بأضوائها وإعلامها ومراكز أبحاثها والرأي العام في بلادها… تشكل بمجملها لحظة تاريخية مناسبة يمكن استثمارها بمثابة فرصة سانحة أمام الأصدقاء للتعبير عن أنفسهم. يبدو أن أحداث المنطقة تتيح مثل هذه الفرصة أمام الكُـرد الذين عاشوا تهميش المجتمع الدولي وعانوا من العزلة بعيداً عن الأضواء, وهنا تبرز أهمية العامل الذاتي كتعبير سياسي وثقافي .
التقت مصلحة الكُـرد مع مصالح الدول الكبرى والإرادة الدولية حين اعتبرت الأخيرة طاغية العراق يشكل تهديداً لمصالحها, وقررت إزاحته عن الحكم بالقوة, واليوم حيث تُشكل المجاميع الإرهابية المتمركزة في سوريا خطراً على دول العالم, تلتقي المصلحة الكردية مجدداً مع الإرادة الدولية في القضاء على آفة الإرهاب. من المهم جداً هنا قوة العامل الذاتي الكردي في شقيه السياسي والعسكري معاً, ففي حالتنا السورية وجود قوة عسكرية دون مظلة سياسية ومشروع وطني تعتبر حالة ميليشيا ليس إلا، والحالة السياسية دون وجود قوة على الأرض لن تحظى بفرصة المشاركة الحقيقية في بناء وطن المستقبل, والمشاركة الكردية الفاعلة في مؤتمر ديريك – كعنوان سوري عريض – وتشكيل مظلة من ألوان الطيف السوري لقوات سورية الديمقراطية، لا تلغي العنوان الفرعي المتعلق بالكُـرد السوريين ولا ينفي حاجتهم إلى ترتيب البيت الداخلي ورص الصفوف.
السياسة الواقعية هي فن تحقيق الممكن من أجل الصالح العام, واللحظة التاريخية تُفيد بأن مصالح الشرق والغرب تلتقي معاً في سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية بدستور علماني، وهنا بالضبط تكمن مصلحة الكُـرد السوريين.
* جريدة الوحـدة – العدد / 269 / – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).