الحل بين الواقع والحلم
علي حبو
الحركة القومية الكوردية في سوريا هي حركة وطنية سلمية تتخذ من الوسائل الديمقراطية كأسلوب نضالي وذلك منذ التأسيس صيف عام 1957 ولم تكن مطالبها تتعدى الحدود الدنيا للحقوق القومية في المجالات (السياسية، الاجتماعية، الثقافية) وهي في ذلك متفقة بأن تلك الحقوق لا يمكن تحقيقها إلا في ظلّ دولة مدنية تؤمن بثقافة حقوق الإنسان وتنبذ الحلول الأمنية للقضايا الوطنية، كما أنها مقتنعة بأن تأمين الحقوق القومية الكوردية في سوريا لايمكنها أن تأتي دفعة واحدة وخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار البنية الفكرية للنظام الحاكم في دمشق //عقلية شوفينية أمنية لا تقبل الآخر //.
إلا أنه وخلال السنوات التسع المنصرمة والتي كانت بمثابة كارثة حقيقية حلت على الشعب السوري عامة حيث الدمار والهلاك في القوة البشرية والاقتصادية وكذلك تدمير البنية التحتية، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن التدخل الخارجي في هذه الكارثة والصراع المستمر الى يومنا هذا بين الاقطاب الدولية والذي كان عامل إثارة أكثر منه عامل استقرار وخاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار دور الدول الإقليمية في زيادة الأمور تعقيدا.
ولا يخفى على أحد الدور البارز للبروبوغندا الإعلامية والذي كان بشكل وبآخر موجها في زيادة وتيرة النزاع كما ساهم بشكل فعال في زيادة هرمون العاطفة القومية لدى البعض بحيث وصل الأمر بهؤلاء الى طرح شعارات أكبر من قاماتهم السياسية التي لا تتعدى صداها جدران واسقف منازلهم وخاصة أن ضبابية المواقف الدولية واحياناً التقصد في وتيرة الطروحات الفضفاضة في حماية الأقليات والقوميات ساهم في تحول الملف السوري الى ملف دولي متنازع عليه بين مراكز القرار الدولي والاقليمي، كل هذه البروبوغندا وغيرها من الأسباب جعل الشارع السوري عامة والكوردي خاصة يعيش في حلم حريري.
من هنا سواء بشكل مقصود او غير مقصود او بناءاً على ما سبق
كبر لدى الشارع الكوردي البسيط كرة الثلج حتى وصل ببعضهم النفخ فيه ليرسم خارطة لوطن مفتوح على البحر.
في ظل كل هذا الخليط الغير المتجانس من المصالح والمواقف والشعارات من جانب ، والعودة الى الواقعية السياسية والقراءة المتأنية للملف السوري وطرح طاولة الحوار السوري السوري والعودة الى التفاوض مع دمشق كبوابة لحل القضية الكوردية من جانب آخر أدى إلى زيادة حالة اليأس لدى عامة الشارع الكوردي كحاصل على الجائزة الكبرى في اليانصيب ويتفاجىء بالجائزة الطردية.