ما عرفت الحضارة البشرية دينا إشكاليا ، وطال امد إشكالياته الفكرية والسياسية البينية والخارجية اكثر من الدين الاسلامي .
الاشكالية السياسية البينية الاساسية بدأت من ثقيفة بني ساعدة بين المهاجرين ( مسلمي مكة وقريش منهم بشكل خاص ) من جهة ، والانصار ( مسلمي المدينة المنورة ) من جهة اخرى .
وان كان تنازل الانصار عن الخلافة الاسلامية قد مر بسلام ، الا ان الخلافة الراشدية انتهت بتداعيات سياسية وفقهية ثم تطورت الى فكرية ايضا ، ما زال العالم الاسلامي يدفع ثمنه الانقسامي الى يومنا هذا .
كل الانتقالات السياسية” ودوما الى يومنا هذا” ، كانت دموية ، اذ أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين تم قتلهم ، واخر خليفة راشدي اي علي بن ابي طالب وغريمه حامل قميص ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان المقتول غيلة و الملطخ بالدم ، معاوية بن ابي سفيان كانا البادئان في اشعال فتيل الحرب الاهلية الاسلامية ومن وقف في كلا الجانبين كانوا مسلمون وصحابة اوائل للرسول ، وقد ادعى الطرفان شرعية ادعاءاتهما وتكفيرهما لبعضهما ، فانتهى الصراع بتثبيت الانقسام الاسلامي بين شيعة وسنة دفع ثمنها مئات ملايين المسلمين هنا وهناك في حروب وحشية ضروسة كان يصب فيها فقهاء الظلام ، في كل طرف الزيت على نار تلك الحروب ونزيدها اشتعالا.
لم تخلو الفترة التي حكم فيها الامويون من وحشية الحكام ومؤامراتهم على اخوتهم وابناء عمومتهم من نفس الفرع القريشي اي بني امية حكام الفترة الممتدة ما بين مقتل على بن ابي طالب ، الى نهاية حكم هذه السلالة على ايدي ابناء عمومتهم العباسيين والاقرب الى الرسول في درجة القرابة من الامويين ، وقد كان الانتقال الى حكم هؤلاء العباسيين اشد دموية وراح في معارك الخلاص من الامويين عشرات الالاف ان لم نقل مئاتها على جانبي المعارك التي خاضها العباسيون على غرمائهم او الاصح اعدائهم الامويين ، ثم تتالت معارك الحكام الجدد مع المتمردين من خوارج وشيعة وزنج وقرامطة ، وكلها كانت دموية ، ولم تخلو اي فترات من الفترات في اتهام المتحاربين لبعضهم بالكفر والخروج على الشرعية والنص القرآني ،وقد ادى ضعف الحكام العباسيين الاواخر الى ظهور دويلات وممالك تمردت على هؤلاء الحكام فظهر السلاجقة والايوبيون وقبلها اعلنت دولة فاطمية شيعية علوية الاتجاه بعيدا عن مركز الخلافة في شمال افريقيا قضى عليها صلاح الدين الايوبي مؤسس الدولة الايوبية والتي انتهى حكمهم على ايدي المماليك ، ومن ثم انتهى حكم الاخيرين على ايدي العثمانيين الاتراك والتى اسست امبراطورية كانت وقودها دماء الشعوب التي دخلت تحت سيطرتهم من حدود ايران الى حدود النمسا الحالية والتي انتهى حكمها على ايدى الدول الاستعمارية التي قسمت تركة هذه الامبراطوية المتداعية والمريضة فيما بين الامبراطوريتين االفرنسية والانجليزية ،.
ظهرت بعدها دول واقطار على اسس قومية في المشرق والمغرب العربيين لم تخلو دساتيرها من فحوى ومضامين مستمدة من الشرع الاسلامي ، ومارس فيها الحكام الاستبداد
والقهر مستفيدين من الخبرات والتجارب السابقة للحكام المسلمين الذين دأبوا طوال تاريخ حكمهم على شعوبهم وعلى معارضيهم شتى صنوف وممارسات الحاكم المستبد المتشبه بالمستبدين السابقين عليهم ، لا بل مورست لتبيت اركان حكم هؤلا المستبدين كل التراث الفقهي والديني كدعامة لتقوية النفوذ ساعدهم في ذلك طبقة من الفقهاء والشعراء ومثقفي كل مرحلة من الذين كانوا يعتاشون على ابواب وفي بلاطات هؤلاء الحكام .
قتل طوال هذا التاريخ الممتد من بدء الخلافة الراشدية الى يومنا هذا معظم الفلاسفة والمفكرودين ومن تزعم المعارضات بابشع الصور واكثرها وحشية ودموية بتهمة الزندقة والكفر والالحاد ، والجاسوسية لصالح بلدان اخرى .
يبدو ان النصوص الدينية كانت اسانيد اساسية برر بها هؤلاء الذين كانت القرارات المصيرية بأيديهم ، برر بها الطغاة والمستبدون حكمهم هذا من جهة ، وممارسة خلق اعداء كفرة لاشغال الشعوب والفقراء منهم على وجه الخصوص بخطر وجود الاعداء الكفرة الى جوارهم من جهة اخرى .
التطرف الذي مارسه هؤلاء المستبدون ادت الى ردود فعل من نوعية تلك الافعال الهمجية ، فظهر التطرف والتنظيمات التي طغى على سلوكها الغلو والفكر السلفي المشدود الى النصوص الدينية البحتة لتبرير وجودها كتنظيمات او ثورات ، كانت وما زالت افاق هذه التنظيمات محدودة ولا تربطها بالحداثة والحضارة اي صلة او وشيجة ، اللهم الا استخدامهم لأفتك الاسلحة الحديثة واكثرها قتلا تاركة هي وحكومات الطغيان بلدانها في حالة احتراب وفوضى عارمة اكلت وما زالت تأكل الاخضر واليابس .
لا يستقيم وضع هذه البلدان والشعوب التي تحترب لغايات دينية يصل فيها عدد القتلى الى مئات الالاف ، ان تقول ، او تدعي انها تعيش حياة عصرية ، ولا يمكن ان تنمو في هكذا بلدان حياة اجتماعية واقتصادية سليمة ، وان بقيت هذه الشعوب هكذا دون اﻹقدام على القيام بثورات حقيقية على مفاهيمها ومرجعياتها الدينية والطائغية ، والوصول الى قناعة تامة ان العلم هو الذي سيجعلهم منافسين في حياتنا الحديثة لا مفاهيمهم وغيبيياتهم التي سترسخ دون شك الجهل والتخلف والحروب البينية التي تجعل هذه الشعوب قطعانا من المهاجرين المتسولين على ابواب من يتم نعتهم من قبل اؤلئك المسلمين بالكفرة والقصد من ذلك هو العالم الغربي (الاوربي والامريكي ) تحديدا.
yekiti