فجأة وبشكل غير معتاد، أطلق الرئيس التركي أردوغان وبعض وزرائه، تصريحات شديدة اللهجة ضد النظام الإيراني واتهامه بالطائفية. والسؤال، هل اكتشف أردوغان الأن طائفية النظام الفارسي، وماذا عن عنصريته المقيتة و طائفيته؟
رغم إجرام نظام الملالي الطائفي كما يدعي أردوغان، إلا أن تركيا حافظت على علاقات ودية واقتصادية وسياسية مميزة مع إيران، وخرقت الحصار الغربي عليها، قبل توقيع إيران الاتفاق النووي مع الغرب. والعلاقة الإيجابية بين الجانبين، استمرت طوال الأزمة السورية، رغم دعم إيران القوي للنظام السوري، الذي كانت تركيا تحاربه وتسعى لإسقاطه منذ سنوات.
وأخيرآ شكّل الطرفين مع الروس ما يشبه بالتحالف الثلاثي لحل الأزمة السورية، وعلى هذا الأساس عقدوا مؤتمر أستانة.
فما الذي استجد حتى خرج أردوغان عن طوعه، وأطلق وابل من التصريحات المعادية لطهران بشكل مفاجئ؟
كما هو معلوم، إنّ النظامين التركي والفارسي، لا يجمعهما أي جامع، سوى العداء ضد الشعب الكردي، والعمل معا لقمع الكرد وعدم منحهم أية حقوق قومية وسياسية، سواءً أكان في إيران وتركيا أو سوريا.
والتقارب الأخير بين الطرفين كان تقارب الضرورة، والجميع يعلم بمدى الكراهية التي يكنّها كل طرف للأخر، والسباق بينهما حول النفوذ والسيطرة على المنطقة على أشده.
أعتقد ما حدث كان نتيجة الاتصال الهاتفي، الذي جمع بين أردوغان ورونالد ترامب، والذي أيد خلاله ترامب فكرة إقامة مناطق آمنة في سورية، لكن دون تحديد شكل هذه المناطق ومكان إقامتها.
وتم الاتفاق بينهما على ضرورة مواجهة الخطر الإيراني سويآ، الذي يهدد المنطقة برمتها، وبالتعاون مع دول الخليج، وبشرط أن تقوم السعودية ودول الخليج بتمويل هكذا مشروع في حالة إقامته؟
من هنا جاء زيارة أردوغان الأخيرة للسعودية، قطر والبحرين، لتشكيل حلف يوازي تحالف ايران والنظام السوري والعراقي.
برأيي هذا التصعيد الكلامي بين الجانبين، يعكس اختلاف المصالح بين البلدين في كل من سوريا والعراق، فضلا عن ذلك رغبة أردوغان في الاصطفاف خلف سياسية إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب في المنطقة، والتي ترتكز إلى نقطتين.
النقطة الأولى، هي محاربة تنظيم داعش الإرهابي، والنقطة الثانية، هي تحجيم دور إيران السلبي في المنطقة.
ويأمل أردوغان من هذا الاصطفاف الجديد، أن تمنحه أمريكا دورا أكبر في سوريا، خاصة في معركة تحرير الرقة، ولجم المارد الكردي، الذي تحاول تركيا أن تضع حد لتطلعاته بأي شكل كان.
والخلاف التركي الإيراني كان متوقعا، خاصة إن التقاءهما في سوريا لم يكن سوى نوع من تحالف الضرورة، وبضغط من روسيا، التي فرضت تسوية على الجميع وفق مقاسها وألزمتهم به.
و إيران كانت في الأساس، ضد اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا. وكانت مع النظام تسعى لحسم الأمر عسكرين، إلا أن الروس أجبروا الإيرانيين والأسد على قبول الاتفاق، والعودة لمفاوضات جنيف، لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وفي الختام، لا أظن أن التوتر الحالي بين الطرفين سيتجاوزا التلاسن الكلامي، وخاصة هذه ليست المرة الأولى، التي تمر العلاقة بينهما بمثل هذا التوتر.
ففي النهاية المصالح، هي التي تحكم العلاقة بين الدولتين، وليس الأهواء الشخصية. ولا يجوز للكرد، البناء على هذا الخلاف نهائيا، وخاصة إنّ البلدين عدوين للكرد، ويحكم كليهما نظام عنصري طائفي بغيض، ويرعيان الإرهاب في المنطقة.